Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE
latest

ذكريات من زمن بسيط

في لحظة غروب هادئة، يتوارى خلف ظهري شروق الشمس ليعلن أن الليل بات قريبًا، ومعه تأتي لحظات التأمل والحنين. الساحة أمامي تبدو فارغة، كأنها تفت...



في لحظة غروب هادئة، يتوارى خلف ظهري شروق الشمس ليعلن أن الليل بات قريبًا، ومعه تأتي لحظات التأمل والحنين. الساحة أمامي تبدو فارغة، كأنها تفتقد أيامًا كانت تعج فيها بالحياة والضحكات. الكراسي الخشبية التي كانت يومًا ما شاهدة على أحاديث الناس ومغامراتهم، أصبحت الآن تنتظر من يحملها إلى الرصيف الآخر، حيث يجلس الناس للاستماع إلى حكايات جديدة أو ربما قديمة.

هناك، في زاوية الساحة، يجلس أب وابنه. أستمع دون قصد إلى حديثهما، حيث يحكي الأب عن أيام طفولته. "كان هناك بئر في وسط القرية"، يقول الأب بابتسامة شاردة. "كنا نلعب حوله قبل أن نستسقي منه. وتلك الشجرة الكبيرة التي تراها هناك؟ كانت شجرة التين، وبجانبها شجرتا الرمان والزيتون. كم كانت أيامًا جميلة وبسيطة!"

على الجانب الآخر، تجلس جدة مع حفيدتها الصغيرة. صوتها الحنون ينقل ذكريات من زمن مضى. "يا صغيرتي، عندما كنت في عمرك، جاء والدك وأخذني لمشاهدة سيرك عمار. كان السيرك يعج بالألوان والعروض المدهشة. وهناك، في الزاوية حيث ترى الآن محل الأكل الخفيف، كانت طاحونة القمح والشعير. كم كنا نفرح عندما نرى الطاحونة تدور وتملأ الجو برائحة الحبوب الطازجة."

 

أغمضت عيني للحظة، وأخذتني كلماتهم إلى عالم آخر، عالم بسيط لكنه مليء بالسعادة. كان كل شيء يبدو ناقصًا مقارنةً بما لدينا اليوم من كماليات، لكن السعادة كانت تملأ القلوب. لم نكن بحاجة إلى الكثير لنشعر بالرضا. كانت الحياة بسيطة جدًا، لكنها غنية بالمعاني.

تلك اللحظات تجعلني أتساءل: هل نحن الآن أكثر سعادة مع كل ما نملكه؟ أم أن السعادة الحقيقية تكمن في البساطة؟ ربما لن نجد الإجابة بسهولة، لكن ما أعرفه يقينًا هو أن ذكريات الماضي تحمل دفئًا خاصًا لا يمكن أن يتكرر.

غروب الشمس يقترب، والسماء تتلون بألوان دافئة كأنها تعزف لحنًا قديمًا. وبينما أراقب هذا المشهد، أدرك أن الجمال يكمن في التفاصيل الصغيرة التي غالبًا ما نغفلها في زحمة الحياة اليومية.


ليست هناك تعليقات