Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE
latest

الكاتب القاص روان علي شريف

  الكلام على الكلام صعب، وخاصة عندما يتعلق بعمل سردي تربطك بصاحبه صداقة أدبية منذ سنوات، تتساءل بينك وبين ضميرك كيف ستقدمه ؟ وهل ستوفيه حقه ...

 


الكلام على الكلام صعب، وخاصة عندما يتعلق بعمل سردي تربطك بصاحبه صداقة أدبية منذ سنوات، تتساءل بينك وبين ضميرك كيف ستقدمه ؟

وهل ستوفيه حقه من التعريف ؟ أم أنك ستعطيه حقه في التعريف به إلى القارئ الجزائري، خاصة وأنت تريد التعريف بكاتب قصصي ينتمي إلى جيل السبعينيات، ومع ذلك لم يجف له مداد ولم يعقف له قلم ولم تكسر له ريشة ولم تحرق نصوصه السردية، إذن كيف يمكن لنا أن نكون سببا في إضافة لبنة جديدة إلى صرح جنس أدبي نرى مع مرور عقود من الزمن أن جيل الأدباء الشباب وخاصة مع فترة التسعينيات، اتجهت همتهم إلى النص السردي الروائي، بسبب المحيط الثقافي العام والسائد في الوطن العربي والوطني ؟

  وعليه نريد بهذا التقديم إعادة توجيه اهتمام فئة المبدعين والنقاد على حدّ سواء إلى أن يولوا شطر وجوههم إلى هذا الصنف من الكتابة النثرية – بحسب التعبير النقدي الكلاسيكي السائد ما بين العشرينيات والثمانينات من القرن العشرين- ، والذي عزف عنه الفئتان المشار إليهما أعلاه، وهل مرد ذلك العزوف هو إتباع موضة العصر، حيث كان لبعض نقادنا الأكاديميين – من أمثال هؤلاء عبد الملك مرتاض- دور في تغذيته حينما أطلقوا على هذا العصر بأنه عصر الرواية بلا منازع، مما تسبب في دحر مملكة الشعر عن الريادة والسيادة الأدبية في فن القول، والأمر ذاته انسحب على القصة مما أفقدها مساحة محترمة من الحضور، كانت هي المدرسة الأولى التي تخرج منها جيل من الكتاب المتميزين، خاصة أن الكثير منهم تكوّن على صفحات الجرائد الوطنية مثل الجمهورية، والشعب والنصر، ثم جريدة المساء، حيث كنا نتلقف كل ما يكتب في صفحة القراء وكنا نتابع باهتمام رصين توجيهات الناقد الطاهر يحياوي الذي بفضله من بعد تأسست عدة جمعيات أدبية على غرار جمعية رابطة إبداع وجمعية تعابير،، وجمعية آفاق،،،، ، ولكننا وجدنا بعض النقاد الذين جمعوا بين الأكاديمية والصحافة ومنهم الأستاذ عامر مخلوف والأستاذ شريبط أحمد شريبط قد اهتموا بهذا الجنس الأدبي تأريخا ودراسة وتحليلا.

 بل لابد من التأكيد على أن فن القصة يستلزم من المؤهلات الفنية والذوقية والنفسية والمعرفية الكثير حتى يبرز الكاتب في هذا المضمار، وهو أمر يذكرنا أيضا بفن نثري صار غفلا عند الكثير إن لم أقل قد محي من ذاكرتنا الأدبية الجزائرية ألا وهو فن الخاطرة والمقالة كذلك، ونرى السبب راجع إلى ما يستوجبه من طاقة تعبيرية مكثفة، تشتغل على مساحة التخييل والعاطفة والمفردة الدالة على المعاني المستترة من وراء الكلمات ومن خلف السطور، إنها –أي القصة- تعتمد استراتيجية التكثيف الدلالي، والاختزال الزماني والانحسار المكاني، مما يفجر لدى القارئ المتلقي توليدا غير تقليدي للرؤى وللأحاسيس والمشاعر والتعاطف الوجداني مع تلك المضامين مختلفة المحاميل والمداليل بحسب مرجعياتها ومدوناتها الاجتماعية والثقافية والتاريخية ،الخ من السياقات والأنساق.

 وهنا نجد أنفسنا أمام ضرورة التعريف بصاحب هذه المجموعة القصصية وبكتابته القصصية، فمن هو شريف روان ؟؟

 ترجع أولى الصلات بيننا إلى سنة 2006 على صفحات موقع شروق الأدبي الذي أسسه زميلنا المتميز عبد الله الزهراني، وبفضل هذا الموقع صار لنا ركن تعارف أدبي بل ومركزا للتواصل والاكتشاف بين العديد من الكتاب الجزائريين على مختلف مشاربهم ونحلهم الفكرية والثقافية، ومنهم الكاتب القصصي المتميز سعدي الصباح وفاطمة غولي وشريف روان.

روان شريف كاتب ينتمي إلى جيل الاستقلال المشبع بالقيم الثورية حينها، إذ بدأ الكتابة في السبعينيات بالفرنسية وفي ظل انعدام التواصل بين الكتاب المبدعين تحول إلى الكتابة باللغة العربية، مغتنما فرصة اتاحة الصحف الوطنية الناطقة بالعربية الفرصة للشباب المبدع، خاصة مع فترة الثمانينات، وتواترت كتاباته مع الانفتاح الديمقراطي حيث احتضنته جريدة الرأي بل كانت السباقة إلى ذلك ليس معه فقط بل مع عديد الشباب المبدع الذي يبحث عن رجع صدى لكلماته ومساحة كافية من الورق لحروفه، وقد باشر الكتابة المتخفية وراء التسمية المستعارة، تارة تحت اسم (العصامي) وتارة تحت اسم (داليا الشامي) ، وفي رصيده عدة كتابات ومجموعتين قصصيتين واحدة بعنوان (هدى والعاصفة) والثانية بعنوان (دائرة العتمة) وقد سبق نشر محتواهما على صفحات الجرائد الوطنية.

  شريف روان سبق له أن زاول دراسة الحقوق، لكنه سرعان ما حوّل وجهته إلى معهد الأرصاد الجوية وتخرج منه ليلتحق بمركز التنبؤات الجوية ومنه إلى قسم الاتصالات المسؤول عن الربط بيم مختلف محطات الرصد الجوي، التي لا يزال بها إلى حد الساعة. بين الفينة والأخرى يتعرض إلى بعض القضايا الثقافية في مقالاته الصحافية، وله عديد النشاطات الثقافية فهو صاحب احتطاب كثيف في غابة المشهد الثقافي المحلي، وهو صاحب حصاد متنوع في إنشاء وتأسيس النوادي الأدبية بغية التنقيب على المواهب الشابة والدفع بها إلى البروز والتفوق والتميز وكذلك حبا في الأدب، وعليه يرجع له الفضل في إنشاء أول ناد أدبي بمساعدة مجموعة من الزملاء سنة 2000 تحت اسم (نادي اكتب) والذي ذاع صيته وطنيا، ليترك مكانه لناد ثان أسس على أنقاضه بإسم (نادي وحي القلم) الذي رأى النور مطلع ربيع 2004، ليتحول إلى نادي (وحي المثقفين) الذي ينشط الآن على المستوى المحلي والوطني.

 أما في مجال المسرح فقد خاض تجربة فريدة من خلال انجاز مسرحية (قريتنا) والتي تحصلت سنة 2000 على المرتبة الأولى في إطار تصفيات المهرجان الدولي للشباب.

ولم يقطع الصلة باللغة الفرنسية حيث يعدّ قلما فعالا في منتدى (المآزر البيضاء) الوهراني وكذلك عضوا ناشطا بمنتدى (أقلام ثقافية). و في ظل التحولات الكبرى في مجال وسائل التواصل الاجتماعي له حضور مكثف على المواقع الافتراضية منها على سبيل الذكر (مجلة أقلام شابة)، (مجلة ضفاف الابداع)، كما سبق له الإشراف على منتدى (القصة والسرد) في موقع مدينة الأحلام اليمني وأشرف أيضا على منتدى اللغة والأدب التابع لموقع شروق الخاص بجريدة الشروق اليومي الجزائرية.

  له مشاركات وإسهامات متعددة في ملتقيات أدبية محلية ووطنية، ونال عدة جوائز تشجيعية منها الجائزة  الثانية في الشعر الحرّ الذي نظمته مديرية الشباب والرياضة سنة 1998، كما حاز الجائزة الأولى في ملتقى المدينة للإبداع الأدبي لسنة 2005 الذي نظمته جمعية (آفاق) بالتنسيق مع المجلس البلدي لمدينة وهران عن قصته (حالة اجهاض)، كما نال الجائزة الأولى مرة أخرى سنة 2011 في ملتقى شموع لا تنطفئ والذي نظمته مديرية الثقافة لولاية وهران. وفي أكتوبر 2015 تحصّل على الجائزة الأولى في القصة القصيرة التي نظمتها المجلة الإلكترونية (روسيكادا). وأخيرا تحصل على المرتبة الثانية بمصر من ضمن 16 دولة عربية في اطار الملتقى الدولي لمجلة همسة للادب والفن فهو (حلزون عنيد) له قدرة كبيرة على التكيف بحسب الظروف ليضمن الديمومة والاستمرارية ، إنه من الوجوه المشرفة على المشهد الثقافي إذ يعدّ من المشرفين على تنظيم الملتقى الأدبي الوطني (شموع لا تنطفئ) سواء على مستوى لجنة التحكيم أو لجنة التنظيم، إنه قلب ينبض حيوية ونشاطا يحبذ لو يتخذ مثالا يحتذى به في التفاني والعمل الدؤوب من دون كلل أو ملل، وهو الآن يعكف على كتابة روايته الأولى قدوته في ذلك الكاتبة السعودية الشابة رجاء الصانع صاحبة (بنات الرياض).

  أما بخصوص منجزه السردي القصصي (هدى والعاصفة)، هو نص سردي نحت تسميته من محيط مهنته في مجال الأرصاد الجوية؛ فهو محمّل على مستوى المعجم الشعري بكثير من التسميات المفتاحية إلى عالم قصصه المستوحاة من واقعه المعيش الذي يتقلب في كنفه صباحا ومساء، لذا ليس صدفة أو اعتباطا أن نجد العناوين التالية : (الوجه الآخر للمدينة) ، (بوابة الجحيم)، ( شيء من الرعب)، (عصافير الشفق)، (مسيرة البؤساء)، (السراب)، (هدى والعاصفة)، (الاعتراف الأخير)، (المفترق)، (مذكرات المنسي)، (نساء المخيم) وآخر ما يختم به هو (خلاصة القول).

 إنها نصوص محمّلة بالهم الإنساني للإنسان الفرد المهمش والعادي الذي يكدح كل يوم من أجل أن يحيا حياة طبيعية كغيره من الناس، طموحاته أن يحيا وسط الأمن والسلم والحب والأمل.

المدن كالنساء يمكن لواحدة منهن أن تمارس عليك سلطتها حتى العبث وتفتنك حتى الجنون وتظل ساكنة فيك كحب صبياني منقوش فسي ذاكرتك لن تمحوه السنين.

  هنا يتوقف القلم على السريان وحتى لا أفسد متعة الاكتشاف ولذة القراءة أترك القارئ الذي يعدّ الركيزة الأساس في تثمين أي عمل إبداعي، قلت أترك القارئ ينجز قراءاته حول النصوص حتى يبلغ النص الأصل هدفه ويوصل مقاصد الكاتب إليه؛ فيكون منطوق هذه المجموعة القصصية قريبا من وجدانه وعقله بل ينفذ إلى مكامن الروح كسريان الماء في عروق أغصان شجرة وارفة الظلال وكثيرة الثمار...

ليست هناك تعليقات