Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE
latest

الصياع أو الضياع

  حين أطوف في كامل أرجاء الوطن وألج وسط أزقته العتيقة مثل حي سيدي حسان، سيدي الهواري، القصبة أو أغير وجهتي لسيدي الخيار

 

حين أطوف في كامل أرجاء الوطن وألج وسط أزقته العتيقة مثل حي سيدي حسان، سيدي الهواري، القصبة أو أغير وجهتي لسيدي الخيار

أو أختار الجلوس على احد المقاعد القديمة، لأقدم حديقة. تتراسل ما بين عيوني اجمل البطاقات مطبوعة بصورة رائعة الجمال جذابة وفائقة التعبير.

بعد مضي فترة من الزمن، حملني جنوني إلى أقرب نقطة أتذكرها لكي أنطلق منها أو اجعلها منطقة عبور ما بين الأماكن. تسافر بك الحياة بين أزقتها، و أنت حامل ما لك القدرة على تحمل حمله، تحمل حمل حلم ولد معك، كبر معك، وعند عتبة كل باب تطرق عليه لتطلب الإذن لتستريح فلا تجد لك راحة الا ما كتب لك من قول لتقول في داخلك "يا ليت كنت ذاك الرجل او تلك اللحظة التي تحمل لك سعادتك" لكنك تبقى كقطعة ثلج لتذوب تحت رحمة نار الانتظار، لتلملمك وتبعثرك الأماني.  تنهض من جديد وتعود لأجل حمل حملك مرة أخرى، للبحث عن باب اخر كي تستريح عند عتبته والأمل لا يفارقك، لعلك تجد ما تصبوا اليه منذ النعومة، نعومة أفكارك البريئة وأنت تقول أخاف أن أبقى وحيدًا مثل القمر وهو يساير الشمس و لم يلتقيا إلا في أخر الزمن.

من نفس سور المدينة، عند الحديقة الفسيحة التي تتوسطها نقطة الالتقاء، تتخلف الأماني و الأفكار، تتكرر نفس الأحزان التابعة لتلك للإيام الموءودة من يوم ولادتها رغم عليها لترى نفس الأجساد ترافقها بلا أرواح ترى ذات الأحلام والأمنيات تتقاذف بعيدا عن اصحابها ترى نفس الحاكم نفس الداهية نفس الصور والشعارات تعيد نفسها لتتكرر وأنت لا زالت حبيس أحلامك المعلقة أعلى جسر المدينة،

معلقة على سلالم العمارات والمباني القديمة الهشة، وعلى كل قشة تتمايل بأبناء أسرارها وأسوارها ونرى الملحقات الأدبية والثقافية،  ورموزها تنهار أمام أعيننا الحزينة الكئيبة، الأشجار تقلع من الحدائق لترى القناطر من الإسمنت على ارضها ترفع  وتزرع  وترى بالأفكار للحضيض تدفع  أرى وترى ولا زلنا باقين قائمين لنرى أنا وأنت والجميع واقف لا طاقة لنا ولا حول لندفع عنها هذا المغتصب الذي هو منها ولدها، ابنها.

لنسمع دقات قلوب منكسرة وعمائم شفافة أعلى  رؤوس أصحابها لا تقي من حر نار شمس وطن  أرى وترى وجميعنا  لا زال منبطح على وجهه ليرى ما جرى .

هي أنتفض ارحل أنتحر أصرخ أصمت ببرودة أعصاب و انت تقتل  ولم تجد جواب لهاته الآهات.

سؤال يحمله كل من يسكن زقاق هذا الوطن الذي هو مني و أنتم منه، والجواب عنه يوجد خلف ذاك البحر المليء بالكثير من الأسئلة، هل أذهب أو أستأجر قارب " بوطي "  للنجاة، من ذل الحياة إلى رحمة الممات؟ وتتدفق  الأسئلة على الجواب.

أنا ذلك المواطن " الفرد " العربي الذي ينهض باكرا قبل الفجر و بعد بدقائق أما يمشي للشغل أو ليبحث عن عمل أنا ذلك المواطن الذي يذهب لاستخراج وثيقة إثبات الوجود لأنه حي ليوم الفرز و الانتخاب، ليثبت حضوره في طابور الانتظار.

نحن كلنا ذلك المواطن البليد الخاسئ ، نتن الرائحة، الذي يستفيق فجرا ليطلب قوت من ديكتاتوري، يومان قبل التخفي خلف الديمقراطية، انا كذلك ذاك الذي تطبق علي الأحكام أما بالصبر أو بالإعدام حيا يرى تمزقا.

نحن تلك الأرواح التي تسكن جسد كل مثقف كل مفكر،  لتنام بالأجساد التي تعمر المقاهي و الأسواق لتمضية وقتها في ملئ فراغ الوطن .

لكل مدينة نكهة لنكبة خاصة تختص بها عن باقي المدن ولكل فرد من أفراد اية مدينة ذوق خاص يمتاز به عن باقي أفراد مدينته أو عشيرته أم اسرته.

لكل مدينة عظمائها و مشاهيرها يخلدون و تقام لهم مواسم للهجرة إلى  ذاكرتهم التي طبعوها او نقشوها بحوافر اعمالهم و لهم تاريخ يمجدهم تمجيدا، منهم من انسوه رغما او تناسوه و هناك من عظموه و لا يستحق ذلك التعظيم، فالتاريخ شاهد عليه وإن أخفوا تلك الحقيقة، فلبد أن تنكشف في يوم من أيام التاريخ.


ليست هناك تعليقات